الأحد، ٢ مارس ٢٠٠٨

إضراب الجوع وبعد


دخل الأساتذة الثلاثة المطرودون عمدا من العمل وهم على التوالي علي الجلولي ومعز الزغلامي ومحمد المومني في إضراب عن الطعام دام أربعين يوما تقريبا من 20 نوفمبر 2007 إلى غاية 28 ديسمبر 2007.وقد صاحب إضراب الجوع هذا حركية لم يشهدها القطاع ولا الاتحاد العام التونسي للشغل منذ مدة طويلة وكان مقر النقابة العامة أين وقع الإضراب قبلة النقابيين والمناضلين من كل ألوان الطيف النقابي والسياسي.وكان مقر المضربين عبارة على خلية نحل خاصة لما قضى الإخوة أكثر من عشرين يوم في إضرابهم عن الطعام متمسكين بحقهم الشرعي في الرجوع إلى العمل .وتعددت إشكال النضال في تلك الفترة من تجمعات واجتماعات وإضرابات من اجل الدفاع عن قضية المطرودين العادلة والمشروعة والتي رأى فيها قطاع التعليم الثانوي ضربا لحرية العمل النقابي وضربا لحق الشغل في نفس الوقت وهو استهداف القصد منه ضرب الحق النقابي . وعلى اثر وعود تلقتها البيروقراطية النقابية من السلطة تكثفت وتنوعت الضغوطات على المضربين منم اجل حل الإضراب . وهو الذي تم بالفعل عشية 28 ديسمبر2007 وكنت من بين الذين لم يقتنعوا بفك الإضراب بتلك الطريقة على الأقل لأنني كنت متأكدا من أن الوعود وحدها لا تكفي فالسلطة قد سبق لها أن تراجعت على اتفاقيات في العديد من المناسبات وحبرها لم يجف بعد . وهكذا تم فك الإضراب على أن ينجز القطاع إضرابا بيوم تحدده سلطات القرار فيما بعد وعلى أساس متابعة قضية الإخوة المطرودين عمدا . إلا أن الرياح تجري بما لا يشتهيه المطرودون عمدا فتقرر الإضراب بيومين يومي 16 و17 جانفي 2008 بعد ضغط كبير من القواعد العريضة والمناضلين النقابين ورغم النسبة المحتشمة لنجاح الإضراب فان اغلب الشرفاء في القطاع التزموا بالوقوف إلى جانب زملائهم المطرودين علما وإنهم لم يكونوا على اقتناع تام بجدوى إضراب اليومين وما يصاحبه من انعكاس مادي ومعنوي على القاعدة الأستاذية , هذا بالى جانب اللائحة المهنية التي صدرت عن آخر هيئة إدارية والتي لم تتضمن المطالب الأساسية لكافة الأساتذة : كالقانون الأساسي الذي لم ير النور بعد طيلة عقود طويلة وكذلك التدهور الخطير للمقدرة الشرائية للأساتذة باعتبار الالتهاب المفرط للأسعار فأصبحت الزيادة الهزيلة أصلا في منحة التكاليف البيداغوجية لم تعد تغطي الأدنى الضروري لمستلزمات الأستاذ في نشاطه العلمي والبيداغوجي على حد سواء. ويجوز لنا أن نتساءل عن جدوى إضراب اليومين ومدى استجابة اللائحة المهنية بالى أوسع القواعد الأستاذية مما يثير شكوكا بان في هذا الإضراب غاية ضمنية تستهدف أولا وضع ملف المطرودين في العتمة تحت ذريعة استحالة تحقيق مطلب العودة وتخلي المكتب التنفيذي عن هذه القضية استجابة لرغبة أطراف نقابية رأت في الإضراب عملا سياسيا لا يمكن للاتحاد أن يتبناه خدمة لمصالحها البيروقراطية الضيقة ومحاصرة منها لتفعيل المد النقابي داخل اطر المنظمة النقابية. وهنا يتأكد للقاصي والداني حجم الضغوطات المهول الذي نزل على الأخوة المطرودين عشية 28 ديسمبر من اجل فك الإضراب . فهل كان المكتب التنفيذي وأعضاء النقابة العامة وهم يتدبرون طريقة حل الإضراب مدركين بكل وضوح ما بعد الإضراب ؟ فلماذا لم يكلفوا أنفسهم العناء اللازم كما كان عشية حل الإضراب حتى يجدوا الحل اللازم لقضية المطرودين الثلاثة ؟ لماذا لم نكرم المضربين الثلاثة وهم يضحون بصحتهم وقد شرفوا الحركة النقابية بوعيهم التقدمي وبموقفهم النضالي وبصمودهم البطولي
طيلة أربعين يوما وقد وضعوا قضية التشغيل في إطارها الصحيح كقضية وطنية لا يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل ألا أن يكون في طليعة القوى المتبنية لها ؟ فالمطلوب من القطاع ومن المكتب التنفيذي آن يتمسكا بقضية الإخوة المطرودين عمدا وهي ليست مزية ولا منة منهم أولا لأنها قضية عادلة وثانيا لان شرط وجودها مؤسس من اجل الدفاع عن الشغل والشغالين وثالثا وأخيرا لأنها قضية في جوهرها تمس مباشرة حرية العمل النقابي .
النفطي حولة :1 مارس 2008



ليست هناك تعليقات: